هواري بومدين أو محمد بوخروبة كما هو اسمه الصريح لعب دورا كبيرا في تاريخ الجزائر ايّام ثورتها ضدّ الاستعمار الفرنسي، وبعد الاستقلال عندما تولى الاشراف على المؤسسة العسكرية التي تعرف في الجزائر بالمؤسسة السيدة بدون منازع وبفضل هذا المنصب تمكنّ من الاطاحة بالرئيس أحمد بن بلة في 19 حزيران 1965.
ولد هواري بومدين في مدينة قالمة الواقعة في الشرق الجزائري وتعلم في مدارسها ثمّ التحق بمدارس قسنطينة معقل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ومعقل دعاة العروبة والاسلام .
ونتيجة لذلك يجب أن تصدر الجريدة الرسمية باللغة العربية ويجب تحسين حالة الترجمة وتعميمها ويجب تعريب البريد وكل الوزارات .
Ø وفوق هذا وذاك يجب تعريب الشوارع والأزقّة ، اذ مازالت الشوارع تحمل أسماء : بيجو، سانت أرنو، كلوزيل وأورليان وكافينياك ودارمون وغيرها .
توقيع السادة النواب التالية أسماؤهم :
v عمار قليل
v مسعود خليلي
v عبد الرحمان زياري
v محمد الشريف بوقادوم
v عمار رمضان
v يوسف بن خروف
v بلقاسم بناني
v بشير براعي
v محمد الصغير قارة
v بوعلام بن حمودة
v زهرة بيطاط
v محمد بونعامة
v علي علية
v سعيد حشاش
v محمد بلاشية
v اسماعيل مخناشة
v عمار أوعمران
v محمد خير الدين
v محمد عزيل
v عبد الرحمان بن سالم
v رابح بلوصيف
v عبد الرحمان فارس
v أحمد زمرلين
v صالح مبروكين
v مصطفى قرطاس
v الصادق باتل
v دراجي رقاعي
v محمد عمادة
v أحسن محيوز
v سليمان بركات
v مختار بوبيزم
v ونوّاب أخرون .
وبصراحة فان مطالبة هؤلاء النواب بالتعريب انتهت بالفشل الذريع لأنّ الحكومة الفتية كانت تتذرع بالصعوبات التي تلاقيها في هذا المجال، وابطاء القيمّين على صناعة القرار في عهد أحمد بن بلة في اقرار قانون التعريب ولدّ بداية التصدع في الجزائر بين التيار الفرانكفوني والتيار العروبي .
وقد أدرك هواري بومدين أهمية التعريب فقرر جعله على رأس الثورة الثقافية التي راح يبشر بها بالتوازي مع الثورة الزراعية والصناعية، وقد سمحت له خلفيته العروبية وعداؤه لفرنسا التي كان يقول عنها بيننا وبين فرنسا جبال من الجماجم وأنهار من الدماء، تفهم أهمية التعريب وضرورته خصوصا وقد كان من المتحمسين لعروبة الجزائر .
وشرع قطاع التربية في عهده بمحو الأمية باللغة العربية في مختلف مؤسسات الدولة وقطاعاتها، كما تقررّ تعريب العلوم الانسانية في الجامعة الجزائرية .
لكن عندما بدأ التعريب يأخذ مجراه شيئا فشيئا كانت الجامعة الجزائرية قد خرجت أفواجا من الطلبة الذين درسوا باللغة الفرنسية فقط والذين أصبحوا أساتذة في الجامعات أو تولوا مهمات أخرى في دوائر الدولة وعمل الكثير من هؤلاء على عرقلة التعريب، وكثيرا ما كانت الجامعات الجزائرية تشهد صراعات حادة بين دعاة التعريب ودعاة الفرنسة .
ومازالت قضية التعريب في الجزائر من أهم المسائل الشائكة التي لم يحسم أمرها وكانت نتيجة غضّ النظر عن التعريب لأسباب يطول شرحها أن أنقسم المجتمع الجزائري الى معسكرين معسكر الأغلبية الذي يقف مع التعريب وصيانة الهوية ومعسكر الأقلية الفرانكفوني .
علاقات الجزائر الدولية :
إجمالا كانت علاقة الجزائر بكل الدول وخصوصا دول المحور الاشتراكي حسنة للغاية عدا العلاقة بفرنسا والجار المغربي الذي كان مستاءا من تبنيّ هواري بومدين لجبهة
البوليساريو .
فاقدام هواري بومدين على تأميم قطاع المحروقات أدىّ الى توتر العلاقات الجزائرية –الفرنسية، حيث قاطعت فرنسا شراء النفط الجزائري وكانت تسميه: البترول الأحمر .
والمغرب كان يرى أن الجزائر وبحكم طبيعتها الايديولوجية الثورية وتحالفها مع عبد الناصر قد تشكل خطرا على المغرب وقد تمد يدها للمعارضة الوطنية المغربية وبالتالي قد تهدد العرش العلوي في الرباط، كما أن الثوار الجزائريين كانوا يعتبرون المغرب محسوبا على المحور الغربي، وكان بن بلة يتهم دوائر في الرباط بأنها كانت وراء الوشاية به عندما غادر المغرب متوجها الى تونس عبر طائرة مغربية مدنية وأجبرت الطائرات الحربية الفرنسية الطائرة التي كانت تقله بالهبوط في مطار الجزائر العاصمة وفي عهد بن بلة وهواري بومدين كانت الجزائر في واد والمغرب في واد أخر كما كان يقول العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني .
وأهم ماميزّ العلاقات الجزائرية –المغربية في عهد هواري بومدين هو ظهور جبهة البوليساريو كمنظمة ثورية تريد تحرير الصحراء الغربية من أطماع الحسن الثاني، ومعروف أن الجزائر ساهمت في انشاء جبهة البوليساريو وأمدتها بالسلاح والمال وظلت العلاقات الجزائرية –المغربية متوترة الى أن قام الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد باعادة العلاقة مع المغرب بعد وساطة قام بها العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز في سنة 1986 .
بداية الانهيار :
أصيب هواري بومدين صاحب شعار (بناء دولة لا تزول بزوال الرجال) بمرض استعصى علاجه وقلّ شبيهه، وفي بداية الأمر ظن الأطباء أنّه مصاب بسرطان المثانة، غير أن التحاليل الطبية فندّت هذا الادعّاء وذهب طبيب سويدي الى القول أن هواري بومدين أصيب بمرض " والدن ستروم " وكان هذا الطبيب هو نفسه مكتشف المرض وجاء الى الجزائر خصيصا لمعالجة بومدين ، وتأكدّ أنّ بومدين ليس مصابا بهذا الداء الذي من أعراضه تجلط الدم في المخ .
أستمرّ بومدين يهزل ويهزل وتوجه الى الاتحاد السوفياتي سابقا لتلقّي العلاج فعجز الأطباء عن مداوته فعاد الى الجزائر .وقد ذكر مهندس التصنيع في الجزائر في عهد هواري بومدين بلعيد عبد السلام أن هواري بومدين تلقى رسالة من ملك المغرب الحسن الثاني جاء فيها اذا لم نلتق مطلع العام فاننا لن نلتقيّ أبدا، وقد سئل مدير الاستخبارات العسكرية قاصدي مرباح عن هذه الرسالة فأجاب : أنّه يجهل وصولها أساسا باعتباره
-كما قال – كنت أنا الذي يضمن الاتصالات مع المغرب باستثناء مرة واحدة ذهب فيها الدكتور أحمد طالب الابراهيمي الى المغرب في اطار قضية الصحراء الغربية وقد يكون هو الذي جاء بهذه الرسالة .
وقد انتشرت في الجزائر شائعات كثيرة حول موت هواري بومدين وسط غياب الرواية الحقيقية وصمت الذين عاصروا هواري بومدين وكانوا من أقرب الناس اليه، علما أن هواري بومدين لم يعرف له صديق حميم ومقرب عدا صديقه شابو الذي توفي في وقت سابق وبقي بومدين بدون صديق .
ومن الشائعات التي راجت في الجزائر أن هواري بومدين شرب لبنا مسموما، حيث كان يدمن شرب اللبن وهذا السم أستقدم من تل أبيب . وقيل أيضا أنّ العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني كان على علم باختفائه قريبا عن المشهد الدنيوي وقيل أن المخابرات الأمريكية كانت مستاءة منه جملة وتفصيلا وقد ساهمت في اغتياله، وقيل أيضا أنه أصيب برصاصة في رأسه في محاولة اغتيال في ثكنة عسكرية .
وكانت مجلة العالم السياسي الجزائرية والتي توقفت عن الصدور قد نشرت ملفا كاملا بعنوان : الرواية الكاملة لاغتيال هواري بومدين، وقد أفادت هذه الرواية أنه تمّت تصفيته من قبل الموساد عن طريق التسميم ، لكن الرواية لم تكشف هوية من أوصل السمّ الى مائدة هواري بومدين في مقر سكنه الرئاسي !!
ومهما كثرت الروايات حول وفاة هواري بومدين فانّ الجزائر خسرت الكثير الكثير بغياب هذا الرجل المفاجئ الذي كان يحلم أن يجعل الجزائر يابان العالم العربي .
وقد مات هواري بومدين في صباح الأربعاء 27 كانون الأول 1978 على الساعة الثالثة وثلاثون دقيقة فجرا .
وكانت الفاجعة كبيرة على الجزائريين الذين خرجوا في حشود جماهيرية وهم يرددون:
انّا لله واناّ اليه راجعون، وبموت هواري بومدين كانت الجزائر تتهيأ لدخول مرحلة جديدة تختلف جملة وتفصيلا عن الحقبة البومدينية ، وسوف يفتقد الجزائريون في عهد الشاذلي بن جديد الى الكرامة والعزة التي تمتعوا بها في عهد هواري بومدين .
مات الرجل الفلاح ابن الفلاح ولم يترك أي ثروة، فحسابه في البنك كان شاغرا ، كما أنّ أقرباءه ظلوا على حالهم يقطنون في نفس بيوتهم في مدينة قالمة .
مات هواري بومدين وماتت معه أحلام الجزائر، وبموته بدأت السفينة الجزائرية تنعطف في غير المسار الذي رسمه للجزائر هواري بومدين .
لقد كان هواري بومدين يقول : الذي يرغب في الثورة عليه أن يترك الثروة ، وفي عهد الشاذلي بن جديد العقيد الخجول القادم من مدينة وهران أنتصر أهل الثروة على أهل الثورة فتاهت الجزائر !!