مدينة قالمة مدينة عريقة تقع في شرق الجزائر، حاليا مقر و عاصمة ولاية بنفس الاسم. وهي مدينة قديمة جدا سميت بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة كانت تعيش في المنطقة قديما قالمة تقع على سفح جبل ماونة .وتمتاز بطابع فلاحي بالدرجة الأولى وثروة غابية هائلة وأيضا مياه سطحية وباطنية معتبرة كما انها تحتوي على مصانع مثل الخزف والسكر والدراجات والدراجات النارية.تعتبر أيضا منطقة عبور للكثير من الولايات وخاصة الحدودية منها مثل: تبسة,عنابة، الطارف ،سكيكدة وسوق أهراس وتعتبر هذه الولايات السالفة الذكر الحدود الادارية لولاية قالمة.وتختص في زراعة القمح الصلب وتربية المواشي .أناقة المدينةتلقب مدينة قالمة المدينة الأنيقة نظرا لكونها من أجمل المدن الجزائرية إنارة ونظافة ونظاما بالخصوص في العشرينيتين الماضيتين حيث تحصلت على المرتبة الأولى في الجزائر مرات عديدة.
السكانينحدر جزء من سكان قالمة إلى قبيلة بني فوغال الامازيغية وتتركز في المنطقة الممتدة من الخزارة شرقا إلى حمام الدباغ غربا و هاجرت هذه القبيلة إلى المنطقة سنة 1799من غرب جيجل... كما يذكر الحسن الوزان ان الاعراب سيطروا على المنطقة ما بين القرنين 12و16م وينحدر من هؤلاء البدو العرب اولادظافر و اولاد سنان و اولادعلي و الدرايدية...كما هاجر عدد من القبائل الحضنية الهلالية مثل اولاد دراج والنوايل واولادماضي ...كما يوجد عددمن الفراجوة و يتركز عدد من الشاوية من قبيلة هوارة وقبيلة درغالي وهذه الأخيرة تعني لغويا **الشخص الذي لا يرى** حيث استوطنت هذه العائلة خلال 1860م جنوب الولاية وبالضبط منطقة عين صابون قرب عين العربي والبعض منها بمنطقة الركنية غرب المدينة، اما قبيلة اولاد حريد فقد نشات نتيجة الاختلاط بين بقايا كتامة والهلاليين و كذلك الهلاليون من مرداس وبني صالح شمال و شرق الولاية.كما نذكر أيضا سنوات السبعينييات أين شهدت قالمة استقطاب البدو الرحل والتي تزخر بهم منطقة بورايح سليمان بعدما تنقلوا من المدن الجنوبية الجزائرية .وكان دخولهم لمدينة قالمة يتمثل في إقامة خيم بحي فنجال وبعدها حولت هذه الخيم إلى أحياء قصديرية وتم بعدها الإندماج الإجتماعي و تأقلموا مع السكان السابقين للمدينة.ونرى أن معظمهم يشتغلون في أعمال تجارية بسيطة مثل الخضر والفواكه أو سواق شاحنات وحافلات أو أعمال تجارية حرة .ونجد أقليتهم في الإدارات. أما في التسعينيات فقد شهدت المدينة تضخم سكاني هائل حيث دخل العديد من الغرباء عن المدينة والآتون من جميع الولايات بالخصوص الولايات التي كانت تعاني من مشاكل العشرية السوداء ، ويرجع السبب الرئيسي لاختيارهم مدينة قالمة هو أمنها مقارنة مع الولايات الجزائرية الأخرى.ونستخلص من هذا أن مدينة قالمة حاليا أصبحت لها وزنها الإجتماعي كوزن المدن الجزائرية الكبرى نظرا لتعدد وتنوع القبائل بها.
النشاط الثقافي بقالمةتعرف قالمة ببعض النشاطات الثقافية أبرزها : الموسيقى ، الفن التشكيلي ، المسرح . وقد سجلت حضورها في عدة تظاهرات ومهرجانات قيمة على المستوى الوطني ، ومن أهم هذه الجمعيات والحركات الثقافية بقالمة : جمعية مالاكا للموسيقى العصرية ، فرقة بدر وجمعية بلابل الأفراح للمالوف ، بعض فرق العيساوة ، جمعية هواري بومدين للمسرح ، جمعية بصمات للفن التشكيلي......، وقد كان لهذه الحركات والجمعيات شرف تمثيل قالمة في المحافل الوطنية والجهوية كما حظيت أيضا هذه المدينة بتنظيم البعض من التظاهرات الفنية نذكر على سبيل المثال: المهرجان السنوي للفنون التشكيلية – المهرجان الجهوي للمالوف – مهرجان مسرح الطفل .......وتعرف المنطقة أيضا ببعض النشاطات الأخرى كفن الخزف – الخياطة والحياكة التقليدية مثل ( فن التارزي والمجبود – القفطان- الزرابي ) .
المسرح الرومانيالمسرح الروماني للمدينة مازال قائما حتى اليوم شاهدا على ماض حافل بالأعمال العظيمة، فهذا المسرح يعد بحق تحفة فنية في الهندسة المعمارية، وتكمن أهميته خاصة في محافظته على كيانه حتى اليوم بالصورة التي كان عليها منذ آلاف السنين رغم أشغال الترميم التي طالته أكثر من مرة. يذكر المؤرخون أن هذا المعلم التاريخي الهام بنته ما بين القرن الثاني عشر والثالث عشر راهبة معبد المدينة، وتدعى (آنيا إيليا ريستيتوتا) وقد بلغت تكاليف بنائه حوالي ثلاثين ألف قطعة ذهبية، وهو على شكل نصف دائرة، ويحتوي على عدة مقصورات خصصت للأعيان وكبار موظفي الدولة، ومدرجات مخصصة لعامة الشعب، بالإضافة إلى منصة واسعة يعتقد أنها كانت مخصصة للمصارعة مع الحيوانات المفترسة، وخصوصا الأسود التي كانت موجودة بكثرة في المنطقة، كا يوجد به متحف يحتوي على تماثيل وفسيفساء ونقود جيء بها من المناطق المجاورة، مثل (خميسة) و(مادور)ولاية
سوق أهراس و(تيبيليس) بالإضافة إلى بعض المواقع الأثرية بڤالمة. وتمثل التماثيل أبرز محتويات المتحف، وأهمها تمثال (هركول) و(الامبراطورة) و(القاضي) وتمثالين لـ (جوبيتر). ويذكر أن رؤوس هذه التماثيل قد تمت سرقتها في منتصف التسعينيات في ظروف غامضة، ولا يزال التكتم والغموض حتى اليوم يحيط بهذه السرقة التي طالت أهم النصب التاريخية في الجزائر، مع العلم أن المسروقات المذكورة ذات أهمية تاريخية لا تقدر بثمن، وهي من أهم النصب الأثرية في العالم، خصوصا إذا علمنا أن أحد الرؤوس المسروقة هو تمثال يمثل النسخة الوحيدة المتبقية في العالم.
والواقع أن محتويات متحف المسرح الروماني قد تعرضت منذ الاستقلال حتى اليوم لكثير من أعمال النهب، وخصوصا النقود التي لم يبق منها إلا القليل، والمضحك أن بعض القطع النقدية الذهبية قد تم إهداؤها في الثمانينيات من القرن الماضي لوفد نسائي أجنبي سائح، وكانت إحدى الصحف الوطنية قد تعرضت لذلك في حينه دون أن يثير ذلك أدنى ردة فعل من أي نوع كان من طرف المعنيين، وانتهت العملية في صمت مريب كأن الأمر لا يعني أحدا. وتتسع مدرجات المسرح الروماني لأكثر من 500 متفرج، وقد عرف خلال السبعينيات والثمانينيات العديد من الأنشطة الثقافية الوطنية الهامة، وغنى على خشبته بعض المطربين الجزائرين والعرب، نذكر منهم المطرب اللبناني الكبير وديع الصافي والمطربة السورية اللامعة ميادة الحناوي وشقيقتها فاتن الحناوي، وكان مدى عقدين من الزمن قبلة السياح الأجانب، كما كان تلاميذ المدارس يزورونه كل أسبوع للتعرف على طابعه المعماري الجميل ومحتوياته النادرة من تماثيل وفسيفساء ونقود. والغريب أن هذا الهيكل الأثري الكبير، والذي يعتبر بحق من أهم المسارح الأثرية في العالم العربي لحفاظه على طابعه القديم ومكوناته من أسوار وجدران ومدرجات وخشبة وغيرها، أصابه اليوم شلل تام ولم يعد يمارس أي نشاط يذكر، كما أصبح لا يستقبل تلاميذ المدارس ولا السياح الأجانب الذين يجدون أبوابه مغلقة طوال السنة، رغم أنه أفضل بكثير من مسرح تيمڤاد ومسرح جميلة، بل أجزم بأنه لا يقل أهمية عن أمثاله في الأردن ولبنان وسوريا وتونس التي تحتضن مهرجانات دولية نالت شهرة كبيرة.