بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله
من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له
و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا
عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم
بإحسان الى يوم الديـــن و سلم تسليما كثيرا ، أما بعد ...
نلتقي و اياكم بهذه السلسلة الجديدة
------
1. كلُّ نفس ذائقة الموت :
وهذه حقيقة يجب أن تعلمها ، فليس أحدٌ بناجٍ من الموت ، طال عمره أو قصر ، صحيحاً كان أو مريضاً ، غنيّاً كان أو فقيراً .
قال تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) آل عمران/ 185 ، وقال سبحانه : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) العنكبوت/ 57 .
وقال عز وجل : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء/ 35 .
ولو كانت الدنيا تدوم لأحدٍ : لأدامها الله لأنبيائه وأوليائه وأصفيائه ، فأين هم الأنبياء والرسل ؟ وأين هم الصدِّيقون والشهداء ؟ وأين هم الصحابة والتابعون ؟ كلهم ذاقوا الموت – إلا عيسى عليه السلام وسيذوقه في آخر المطاف - .
قال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) الأنبياء/ 34 .
وقال تعالى : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) الزمر/ 30 .
2. لا مهرب من الموت :
ومهما بذل الإنسان من أسباب الصحة والنشاط فهو ميت ، وأينما كان فإن الموت يدركه ، وحيثما فرَّ من الموت فإنه سيجده مقابل وجهه .
قال تعالى : ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ) الجمعة/ 8 .
وقال تعالى : ( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) النساء/ 78 .
قال ابن كثير- رحمه الله - :
أي : أينما كنتم يدرككم الموت ، فكونوا في طاعة الله ، وحيث أمركم الله فهو خير لكم ، فإن الموت لا بد منه ، ولا محيد عنه ، ثم إلى الله المرجع ، فمن كان مطيعا له جازاه أفضل الجزاء ، ووافاه أتم الثواب .
" تفسير ابن كثير " ( 6 / 291 ) .
وقال- رحمه الله – :
أنتم صائرون إلى الموت لا محالة ، ولا ينجو منه أحد منكم ، كما قال تعالى : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وِالإكْرَامِ ) .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 360 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) ق/ 19 - :
وقوله ( بِالْحَقِّ ) : أي : أن الموت حق ، كما جاء في الحديث : " الموت حَقٌّ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ " – متفق عليه - ، فهي تأتي بالحق ، وتأتي أيضاً بحق اليقين ، فإن الإنسان عند الموت يشاهد ما تُوُعِّد به ، وما وُعِدَ به ؛ لأنه إن كان مؤمناً : بُشِّر بالجنة ، وإن كان كافراً : بُشِّر بالنار- أعاذنا الله منها - .
( ذَلِكَ ) أي : الموت .
( مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) اختلف المفسرون في " ما " هل هي نافية فيكون المعنى : ذلك الذي لا تحيد منه ، ولا تنفك منه ، أو أنها موصولة فيكون المعنى : ذلك الذي كنت تحيد منه ، ولكن لا مفر منه ، فعلى الأول يكون معنى الآية : ذلك الذي لا تحيد منه ، بل لابد منه ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ) .
وتأمل يا أخي : ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ) ولم يقل " فإنه يدرككم " ، وما ظنك بشيء تفر منه وهو يلاقيك ؟ إن فرارك منه يعني دنوك منه في الواقع ، فلو كنت فارّاً من شيء وهو يقابلك ، فكلما أسرعت في الجري أسرعت في ملاقاته ، ولهذا قال : ( فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ) ، وفي الآية الأخرى : ( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) النساء/ 78 ؛ لأنه ذكر في هذه الآية أن الإنسان مهما كان في تحصنه فإن الموت سوف يدركه على كل حال ، وهنا يقول تعالى : ( ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) .
وعلى المعنى الثاني ، أي : ذلك الذي كنت تحيد منه وتفر منه في حياتك ، قد وصلك وأدركك ، وعلى كل حال : ففي الآية التحذير من التهاون بالأعمال الصالحة ، والتكاسل عن التوبة ، وأن الإنسان يجب أن يبادر ؛ لأنه لا يدري متى يأتيه الموت .
لهذه يا اخواني يجب ان نلخص النية لله سبحانه و تعالى : و ان لا نعبد احدا سواه و لا نشرك به احد فانه هو الغفور العزيزو حيث حذر الله الكفار في كتابه الكريم حيث قال
ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين
هنا في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا عرفوا حقيقة الأمر تمنوا أنهم كانوا في دار الدنيا مسلمين ، وندموا على كفرهم ، وبين هذا المعنى في مواضع أخر ، كقوله : ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين [ 6 \ 27 ] وقوله : حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها [ 6 \ 31 ] ، وقوله : ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا [ 25 \ 27 ] إلى غير ذلك من الآيات ، وأقوال العلماء في هذه الآية راجعة إلى شيء واحد ; لأن من يقول : إن الكافر إذا احتضر وعاين الحقيقة تمنى أنه كان مسلما ، ومن يقول : إنه إذا عاين النار ووقف عليها تمنى أنه كان مسلما ، ومن يقول : إنهم إذا عاينوا إخراج الموحدين من النار تمنوا أنهم كانوا مسلمين ، كل ذلك راجع إلى أن الكفار إذا عاينوا الحقيقة ندموا على الكفر وتمنوا أنهم كانوا مسلمين .
وقرأ نافع وعاصم ربما بتخفيف الباء ، وقرأ الباقون بتشديدها ، والتخفيف لغة أهل الحجاز ، والتثقيل لغة تميم وقيس وربيعة ، ومن الأول قول عدي بن الرعلاء الغساني :
ربما ضربة بسيف صقيل بين بصرى وطعنة نجلاء
والثاني : كثير جدا ، ومنه قول الآخر :
ألا ربما أهدت لك العين نظرة قصاراك منها أنها عنك لا تجدي
ورب في هذا الموضع قال بعض العلماء للتكثير ، أي : يود الكفار في أوقات كثيرة لو كانوا مسلمين . ونقل القرطبي هذا القول عن الكوفيين قال ومنه قول الشاعر :
ألا ربما أهدت لك العين . . . . . . . . .
البيت [ ص: 253 ] وقال بعض العلماء : هي هنا للتقليل ; لأنهم قالوا ذلك في بعض المواضع لا في كلها لشغلهم بالعذاب . فإن قيل : ربما لا تدخل إلا على الماضي ، فما وجه دخولها على المضارع في هذا الموضع ؟ فالجواب : أن الله تعالى لما وعد بوقوع ذلك صار ذلك الوعد للجزم بتحقيق وقوعه ، كالواقع بالفعل ، ونظيره قوله تعالى أتى أمر الله الآية [ 16 \ 1 ] ونحوها من الآيات ، فعبر بالماضي تنزيلا لتحقيق الوقوع منزلة الوقوع بالفعل .
و في الاخير تفضلوا :
تلاوة خاشعة و مبكية للدوسري حول الاية الكريمة في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا عرفوا حقيقة الأمر تمنوا أنهم كانوا في دار الدنيا مسلمين ، وندموا على كفرهم ، وبين هذا المعنى في مواضع أخر ، كقوله : ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين [ 6 \ 27 ] وقوله : حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها [ 6 \ 31 ] ، وقوله : ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا [ 25 \ 27 ] إلى غير ذلك من الآيات ، وأقوال العلماء في هذه الآية راجعة إلى شيء واحد ; لأن من يقول : إن الكافر إذا احتضر وعاين الحقيقة تمنى أنه كان مسلما ، ومن يقول : إنه إذا عاين النار ووقف عليها تمنى أنه كان مسلما ، ومن يقول : إنهم إذا عاينوا إخراج الموحدين من النار تمنوا أنهم كانوا مسلمين ، كل ذلك راجع إلى أن الكفار إذا عاينوا الحقيقة ندموا على الكفر وتمنوا أنهم كانوا مسلمين .
وقرأ نافع وعاصم ربما بتخفيف الباء ، وقرأ الباقون بتشديدها ، والتخفيف لغة أهل الحجاز ، والتثقيل لغة تميم وقيس وربيعة ، ومن الأول قول عدي بن الرعلاء الغساني :
ربما ضربة بسيف صقيل بين بصرى وطعنة نجلاء
والثاني : كثير جدا ، ومنه قول الآخر :
ألا ربما أهدت لك العين نظرة قصاراك منها أنها عنك لا تجدي
ورب في هذا الموضع قال بعض العلماء للتكثير ، أي : يود الكفار في أوقات كثيرة لو كانوا مسلمين . ونقل القرطبي هذا القول عن الكوفيين قال ومنه قول الشاعر :
ألا ربما أهدت لك العين . . . . . . . . .
البيت [ ص: 253 ] وقال بعض العلماء : هي هنا للتقليل ; لأنهم قالوا ذلك في بعض المواضع لا في كلها لشغلهم بالعذاب . فإن قيل : ربما لا تدخل إلا على الماضي ، فما وجه دخولها على المضارع في هذا الموضع ؟ فالجواب : أن الله تعالى لما وعد بوقوع ذلك صار ذلك الوعد للجزم بتحقيق وقوعه ، كالواقع بالفعل ، ونظيره قوله تعالى أتى أمر الله الآية [ 16 \ 1 ] ونحوها من الآيات ، فعبر بالماضي تنزيلا لتحقيق الوقوع منزلة الوقوع بالفعل .
{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}
يقول تعالى، مخوفًا لعباده: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ} وذلك من كثرة ما ألقي فيها، {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} أي: لا تزال تطلب الزيادة، من المجرمين العاصين، غضبًا لربها، وغيظًا على الكافرين.
وقد وعدها الله ملأها، كما قال تعالى {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} حتى يضع رب العزة عليها قدمه الكريمة المنزهة عن التشبيه، فينزوي بعضها على بعض، وتقول: قط قط، قد اكتفيت وامتلأت.
و قد ثبث ذلك في الحديث لقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَهِيَ تَقُولُ هَلْ مَنْ مَزِيدٍ. حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا رِجْلَهُ وَفِي رِوَايَةٍ عَلَيْهَا قَدَمَهُ فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَتَقُولُ قَطْ قَطْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
البخاري : الأيمان والنذور (6661) , ومسلم : الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2848) , والترمذي : تفسير القرآن (3272) , وأحمد (3/234).
و في الاخير تفضلوا : تلاوة مبكية و خاشعة لياسر الدوسري في الاية الكريمة لو ترى اذ وقفوا على النار.
تلاوة مؤثرة لياسر الدوسري من رفعي
تلاؤة رائعة و خاشعة لادريس بكر من سورة ق
و في نسال الله تعالى التوفيق مع تحياتي