ماذا لو كنت وزيرا للتربية..؟
لو كنت وزيرا للتربية، لما جادلتُ الأساتذة والمعلمين في مطالبهم ولوافقت فورا عن جميع تلك المطالب دون تفاوض، ولأحلتُ جميع النقابات التي تتحدث بالنيابة عن المعلّمين على البطالة، من خلال فتح الحوار معهم بشكل مباشر عبر القنوات الرسمية المتاحة،ولطلبتُ أن تكون كلمة المعلّم مقدّسة لا تعلوا فوقها كلمة سوى كلمة الله، ولأعطيتُ تعليماتي بأن يؤخذ بتوصيات الأساتذة والمعلمين في تحديد مستويات ومستقبل التلاميذ، حتى ولو كانت تلك التوصيات تختلف مع التقارير الإدارية أو التربوية المعتادة، بل أؤكّد على ضرورة أن يكون إمضاء الأستاذ كافيا لتحديد مستقبل التلاميذ، تماما مثلما يحدث في المؤسسات التعليمية في الدول المتطوّرة ، كيف لا وقد كاد المعلم أن يكون رسولا على حد قول الشاعر.
لو كنت وزيرا للتربية، لسخّرتُ كل وقتي لدراسة مشاكل المعلمين والأساتذة، ولاجتهدتُ في أن أوفّر لهم المناخ الملائم للقيام بعملهم في ظروف مثالية، ولطلبتُ من جمعية أولياء التلاميذ أن يُشدّدوا على أولادهم بأن يعاملوا أساتذتهم باحترام وتقدير، وأن يمتنعوا عن استغلال قوة أجسامهم الفتية التي نمت على الزُبدة والمُربّى والخبز المحمّص، ضد أساتذتهم الذين ما تركتْ الظروف المعيشية في عهدهم فرصة لنمو أبدانهم بشكل طبيعي ، ولطالبتُ من الأولياء أن يسترجعوا عادة الزيارة التي يأخذها التلاميذ إلى المعلم في الكتاتيب عند ختمة القرآن.
لوكنت وزيرا للتربية، لطالبتُ أيضا ،بأن يتم بشكل نهائي فصلُ كل أستاذ أومعلم يثبتُ أنه يمارس وظيفة موازية للتعليم، ولحاربتُ بقوّة وبدون هوادة أو تراخ ظاهرة الأقسام الخارجية للدعم التعليمي ، ولنشرتُ اسم و صورة كل معلّم لا يتحصّل التلاميذ الذين يدرّسهم على علامات جيّدة، عبر صفحات الجرائد وفي التلفزيون والإنترنيت، ولقاضيتُ كل أستاذ لا يهتم بمظهره ولا يحسّن خطّه ولا يهتم بتقليم أظافره وحلاقة شعره، في محاكم خاصة تؤِسس لهذا الغرض.
لو كنت وزيرا للتربية، لنظّمتُ بشكل دوري امتحانات لقياس المستوى، للتأكّد من مدى قدرة الأساتذة على تعليم جيل المستقبل ، ولبادرتُ إلى صياغة ميثاق شرف المعلّم يحدّد الإطار العام لواجبات وحقوق المعلّم ،من أجل تنقية هذا القطاع من الدخلاء الذين يُسمّون أنفسهم تجاوزا بالمعلمين.